۴۲۱
مروج الذهب: و روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قال: إنّ اللّه حين شاء تقدير الخليقة، و ذرء البريّة، و إبداع المبدعات، نصب الخلق في صور كالهباء قبل دحو الأرض و رفع السماء، و هو في انفراد ملكوته و توحّد جبروته، فأتاح نورا من نوره فلمع، و نزع قبسا من ضيائه فسطع، ثمّ اجتمع النور في وسط تلك الصور الخفيّة، فوافق ذلك صورة نبيّنا محمّد صلّى اللّه عليه[و آله] و سلّم، فقال اللّه عزّ من قائل: أنت المختار المنتخب، و عندك مستودع نوري، و كنوز هدايتي، من أجلك أسطح البطحاء، و أمرج الماء، و أرفع السماء، و أجعل الثواب و العقاب و الجنّة و النار، و أنصب أهل بيتك للهداية، و اوتيهم من مكنون علمي ما لا يشكل عليهم دقيق، و لا يعييهم خفيّ، و أجعلهم حجّتي على بريّتي، و المنبّهين على قدرتي و وحدانيّتي، ثمّ أخذ اللّه الشهادة عليهم بالربوبيّة و الإخلاص بالوحدانيّة، فبعد أخذ ما أخذ شاب ببصائر الخلق انتخاب محمّد و آله، و أراهم أنّ الهداية معه، و النور له، و الإمامة في آله؛ تقديما لسنّة العدل، و ليكون الإعذار متقدّما، ثمّ أخفى اللّه الخليقة في غيبه، و غيّبها في مكنون علمه، ثمّ نصب العوامل، و بسط الزمان، و مرج الماء، و أثار الزبد، و أهاج الدخان، فطفا عرشه على الماء، فسطح الأرض على ظهر الماء، و أخرج من الماء دخانا فجعله السماء، ثمّ استجلبهما إلى الطاعة فأذعنتا بالاستجابة، ثمّ أنشأ اللّه الملائكة من أنوار أبدعها، و أرواح اخترعها، و قرن بتوحيده نبوّة محمّد صلّى اللّه عليه[و آله]و سلّم، فشهرت في السماء قبل بعثته في الأرض، فلمّا خلق اللّه آدم أبان فضله للملائكة، و أراهم ما خصّه به من سابق العلم، من حيث عرّفه عند استنبائه إيّاه أسماء الأشياء، فجعل اللّه آدم محرابا و كعبة و بابا و قبلة، أسجد إليها الأبرار و الروحانيّين الأنوار، ثمّ نبّه آدم على مستودعه، و كشف له عن خطر ما ائتمنه عليه، بعد ما سمّاه إماما عند الملائكة، فكان حظّ آدم من الخير ما أراه من مستودع نورنا، و لم يزل اللّه تعالى يخبّئ النور تحت الزمان إلى أن فضّل محمّدا صلّى اللّه عليه[و آله]و سلّم في ظاهر الفترات، فدعا الناس ظاهرا و باطنا، و ندبهم سرّا و إعلانا، و استدعى عليه السلام التنبيه على العهد الذي قدّمه إلى الذرّ قبل النسل، فمن وافقه و اقتبس من مصباح النور المقدّم اهتدى إلى سرّه، و استبان واضح أمره، و من أبلسته الغفلة استحقّ السخط، ثمّ انتقل النور الى غرائزنا، و لمع في أئمّتنا، فنحن أنوار السماء و أنوار الأرض، فبنا النجاة، و منّا مكنون العلم، و إلينا مصير الامور، و بمهديّنا تنقطع الحجج، خاتمة الأئمّة، و منقذ الامّة، و غاية النور، و مصدر الامور، فنحن أفضل المخلوقين، و أشرف الموحّدين، و حجج ربّ العالمين، فليهنأ بالنعمة من تمسّك بولايتنا، و قبض على عروتنا.
بدون نظر